▪︎ المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تصنع الفرق:خطوات واثقة نحو أمومة وطفولة آمنة، وتعليم ذو جودة للجميع بإقليم خنيفرة.

في إطار احتفال بلادنا بالذكرى العشرين لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، نظمت عمالة إقليم خنيفرة صباح يوم 23 ماي الجاري ندوة علمية احتضنتها القاعة الكبرى للعمالة، تحت عنوان: “دور المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في تنمية الطفولة، رؤية استراتيجية في خدمة الرأسمال البشري”.
وقد عرفت هذه الندوة التي أشرف عليها السيد الكاتب العام للعمالة، وسير فقراتها د.الحسن ابا، حضور نخبة من المثقفين ومنتخبين وفعاليات من المجتمع المدني، وماميز هذه الندوة هو مشاركة أطر من خيرة الأطر الصحية والتربوية بالإقليم، الذين أسهموا بمداخلات رصينة سلطت الضوء على واقع الطفولة والأمومة بالإقليم، كما استعرضوا مختلف البرامج والمشاريع التي تم تنزيلها في هذا الإطار، ومدى انعكاسها الإيجابي على تحسين المؤشرات التنموية المتعلقة بالطفولة.
في عرض مفصل قدمته السيدة “مريم معيلوش”، الإطار بوزارة الصحة، تم التطرق إلى برنامج تتبع الحمل والولادة، الذي بلغ مرحلته الثالثة، ويهدف إلى تحسين صحة الأم والطفل، خاصة في المناطق النائية، من خلال إحداث دور الأمومة، مع توفير النقل الصحي، وتنظيم حملات تحسيسية لتغيير السلوك المجتمعي.
وأشارت مقدمة العرض إلى أن إقليم خنيفرة شهد إنشاء وتجهيز ستة دور للأمومة تستقبل النساء قبل وبعد الولادة، حيث يستفدن من الإيواء والتغذية والتوعية الصحية، في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. كما تم تخصيص سيارة إسعاف لكل دار لتأمين نقل الحوامل في الحالات العادية أو الطارئة.
كما أبرزت أهمية الحملات التحسيسية في رفع الوعي الصحي وتشجيع السلوكيات الوقائية، إضافة إلى تعزيز المشاركة المجتمعية. وضمن هذه الجهود، تم إطلاق الحملة الوطنية للتحسيس بأهمية زيارات تتبع الحمل من 7 أبريل إلى 8 ماي 2025، بشراكة بين وزارة الصحة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تحت شعار: “نعجلو ونكملو زيارات تتبع الحمل… نحافظو على صحة الأم والطفل”.
وأكدت السيدة “معيلوش” أن الحملة تهدف إلى تقليص وفيات الأمهات والرضع، من خلال تعزيز التتبع الصحي أثناء الحمل، وتوسيع نطاق الرعاية خلال الألف يوم الأولى من حياة الطفل لضمان نموه السليم.
كما سلطت السيدة مريم معيلوش الضوء على دور استراتيجية التواصل من أجل التغيير السلوكي والاجتماعي، التي تمثل إطارا مرجعيا للحملات التحسيسية. وبينت أن هذه الاستراتيجية ترتكز على مقاربة القرب، وإشراك الفاعلين المحليين، والاعتماد على أدوات تواصل مبسطة وملائمة للثقافة المحلية، مما يعزز من فعالية الرسائل الصحية وقدرتها على التأثير الإيجابي داخل المجتمع.
وفي تقييمها للحملة، أبرزت مجموعة من نقاط القوة، من بينها دعم الشركاء، حسن تنفيذ الخطة، وتوفير الوسائل والموارد اللازمة، إلى جانب تغطية إعلامية فعالة. لكنها أشارت أيضا إلى صعوبات في الوصول إلى المناطق النائية وتفاوت الوعي الصحي، واقترحت تعزيز التوعية الميدانية، استعمال الإعلام المحلي، وتكوين الوسطاء الجماعاتيين لمرافقة النساء الحوامل في المناطق المعزولة.
من جهته أفاد الأستاذ لحسن مامو، المسؤول الإقليمي للمؤسسة المغربية للتعليم الأولي، أن نسبة التمدرس بالتعليم الأولي على المستوى الوطني تطورت من 5% إلى 61% سنة 2024، مما يعكس تحسنا ملحوظا في تعميم التعليم وجودته داخل المؤسسات، وأوضح أن برنامج تعميم التعليم الأولي بإقليم خنيفرة ارتكز على شراكات مع اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية والمؤسسة المغربية للتعليم الأولي، ماأسفر عن إحداث 94 وحدة و95 قاعة بين 2019 و2025. وبلغت نسب التغطية 41,39% بدائرة القباب، و40,38% بدائرة أكلموس، و19,18% بدائرة خنيفرة، فيما استفاد 2756 طفلا وطفلة من هذه البنيات خلال الفترة الممتدة من 2019/2020 إلى 2024/2025.
في الموسم الدراسي 2024/2025، بلغ عدد المستفيدين 1065 طفلا وطفلة بالأقسام المحدثة من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بمعدل تسجيل 11,21%. كما تم تعزيز الوعي الأسري بأهمية التعليم الأولي، وبحث إمكانية توفير النقل المدرسي.
أما بخصوص نقل الوحدات إلى الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، يقول الأستاذ فقد تم تحويل 80 قسما من أصل 95، على أن تنقل 15 المتبقية بعد استيفاء سنتين من التسيير، وفق الاتفاقية الموقعة.
وفي الجانب الصحي، يسترسل الأستاذ لحسن مامو قائلا ان المؤسسة اطلقت مبادرة “صحة وسلامة الطفل” بشراكة مع عدة جهات، تستهدف تحسين صحة الأطفال عبر خدمات في طب العيون، وطب الأطفال، وطب الأسنان، والأنف والحنجرة، من خلال فحوصات دورية وتوعية بأهمية النظافة والنمو السليم. وقد استفاد من هذه المبادرة 1124 طفلا وطفلة خلال قافلتين نظمتا سنتي 2024 و2025.
واختتم الأستاذ عرضه بالإشارة إلى عدة تحديات تهم صيانة البنيات، استقرار الأطر، تعبئة الصهاريج المائية، وظاهرة الهجرة القروية، مؤكدا أن مكافحة هذه التحديات من شأنها تقوية الالتزام الجماعي ودور المؤسسة في إنهاء برنامجها بنجاح.
وفي ذات السياق جاء دور الأستاذة صفاء قسطاني المديرة الإقليمية للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بخنيفرة والتي قدمت عرضا قيما ركزت فيه على دور المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في دعم قطاع التربية والتكوين مشيرة إلى أن المبادرة التي أطلقها الملك محمد السادس سنة ألفين وخمسة تهدف إلى تحسين أوضاع الفئات الفقيرة وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وأوضحت الأستاذة صفاء أن المبادرة ترتكز على محاربة الفقر والهشاشة من خلال إشراك المواطنين والفاعلين في اتخاذ القرار وتحقيق التنمية المحلية، مضيفة أن إقليم خنيفرة استفاد من مشاريع مهمة خاصة في قطاع التعليم مما ساعد على تقليص الهدر المدرسي وتحسين ظروف التمدرس خصوصا في العالم القروي.
وأبرزت الأستاذة صفاء قسطاني أن أهم مجالات تدخل المبادرة تشمل التعليم الأولي من خلال بناء وحدات وتجهيزها وتوفير المربيات إضافة إلى بناء دور الطالب والطالبة بالإضافة إلى دعم المبادرة لبرنامج مليون محفظة وتوسيع خدمات النقل المدرسي مما ساهم في تشجيع التمدرس وتقليص الفوارق بين الوسط الحضري والقروي.
وذكرت الأستاذة في عرضها أن المبادرة ساهمت في بناء وتأهيل المؤسسات التعليمية وتعزيز الأنشطة الموازية والدعم التربوي مما ساعد على تحسين جودة التعليم. وختمت الأستاذة صفاء عرضها بالدعوة إلى استمرار الجهود لضمان استدامة هذه البرامج وتحقيق الأهداف التنموية المنشودة في قطاع التعليم.
وتجدر الإشارة إلى أن العروض الثلاثة جميعها كانت مدعومة بتقارير بالصوت والصورة، ما أضفى عليها طابعا توثيقيا يعزز مصداقيتها ويقوي من أثرها التواصلي. فقد ساهمت هذه الروبوتاجات في توضيح مضامين العروض بشكل ملموس، من خلال نقل مشاهد حية وشهادات واقعية، وهو ما سمح للحضور بالتفاعل بشكل أعمق مع ما طرح من أفكار واستنتاجات.
ولجأت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مركزيا الى هذه الوسائط نظرا لأهميتها للقيام بدور الشاهد الموثوق الذي لا يقتصر على النقل السردي، بل يجسد الواقع بالصوت والصورة، فيقرب الحدث من المتلقي ويجعله أكثر إقناعا ووضوحا. وكما يقال: “الصورة أبلغ من ألف كلمة”.
اترك رداً