قراءة في قانون التعمير رقم 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء
لقد عرف ميدان التعمير خلال السنوات الأخيرة تطورا كبيرا لتسخير هذا الكون ورضوخه للإنسان
ومتطلباته، فكان التفكير في كيفية تنظيم هذا الميدان اعتبارا لظاهرة التمدن والتي أصبحت من بين الظواهر التي ميزت القرن الواحد والعشرين الشيء الذي جعل التنمية الحضرية بكل مكوناتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية تتحول إلى اهتمام أساسي لكل الدول سواء في الشمال أو في الجنوب ما جعل بلدنا المغرب يعير اهتماما خاصا للتنمية المتوازنة لمدننا وقرانا والدفع به كبلد التقاليد العريقة إلى الحفاظ على توازناته الأساسية من خلال المحافظة على تراثه التاريخي الذي يشكل أصل هويته وذلك لتطوير مجاله الحضري والقروي طبقا لمخططات من شأنها أن تساهم في الوصول إلى مستوى الطموحات المرجوة.
وفي هذا السياق، عقدت العديد من المناظرات والندوات وأيام دراسية حول المواضيع العامة للتعمير والهندسة المدنية وإعداد التراب الوطني، عرفت مشاركة مهني هذا القطاع ورجال الفن والباحثين وممثلي الهيئات الإدارية المعنية والمنتخبة حيث توجت هاته المجهودات بتبني 3 قوانين أساسية ومراسيمها التطبيقية مما فتح أفاق جديدة في ميدان التحكم في النمو الحضري وتحسين جمالية المدن وجودة البناء ويتعلق الأمر ب :
أ- القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.92.31 بتاريخ 15 من ذي الحجة 1412 (17 يونيو 1992)
ب- القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكينة وتقسيم العقارات الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.92.7 بتاريخ 05 من ذي الحجة 1412 ( 17 يونيو 1992)
ج– القانون رقم 89.16 المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المعمارية الوطنية الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.92.122 بتاريخ 12 ربيع الأول 1414 ( 10 شتنبر 1993)
لتلغى بمقتضى هاته القوانين:
ظهير 30 يوليوز 1952 المتعلق بالتعمير
ظهير 30 شتنبر 1953 المتعلق بالتجزئات وتقسيم العقارات
ظهير فاتح يوليوز 1941 المنظم لمهنة الهندسة المعمارية المعدل بظهير 17 دجنبر 1976
والتي أصبحت من خلال دراسة محتواها أمرا متجاوزا بالنظر إلى حجم المشاكل التي عرفها النمو العمراني السريع لمدننا الشيء الذي تطلب اعتماد وسائل قانونية جديدة من شأنها تحقيق التناسق والتحكم في نمو حواضرنا فكان
من الضروري ان يكتسي القانون المتعلق بالتعمير أهمية بالغة تستجيب ومتطلبات عولمة العمران في خضم الإصلاحات القانونية والتحولات التشريعية التي يشهدها المغرب خاصة في ما يتعلق بإنعاش جودة الهندسة المعمارية وضمان تناسق بنيتها حسب خصوصية المناطق والأقاليم ومميزات العمران المغربي الأصيل مع مسايرة التطور من خلال تقسيم الاراضي واحداث التجزئات والقيام ببنايات اضافة الى حماية وضبط النمو الحضري والقروي للبلاد.
تلعب التجزئات دورا حاسما في تهيئة المدن، والواقع أن عمليات تقسيم الأراضي المحيطة بالمناطق المبنية هي التي تعطي الانطلاقة لبناء أحياء تخلق بتكاثرها تكتلات عمرانية جديدة مما يتطلب من كل المتدخلين مضاعفة الجهود وايجاد ترسانة قانونية واطار واضح يمكنهم من ممارسة وظائفهم في التوجيه والمراقبة بشكل عقلاني ومتناسق دون
الاغفال عن مهمة المهندس المعماري والدور الذي يجب أن يلعبه في عملية البناء عملا بمقتضيات القانون
رقم 89.16 المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المعمارية واحداث هيئة المهندسين المعماريين الوطنية.
ويبقى المهندس المعماري المسؤول الأول على انجاز المشروع إلى حين توفير صاحبه على إجازة السكن أو شهادة المطابقة .
من خلال قراءتنا وتفحصنا في دوالب المواد المنصوص عليها في القوانين الأنفة الذكر والمحددة في 17 مادة بالنسبة لقانون 12/90 المتعلق بالتعمير بخصوص العقوبات الإدارية الزجرية منها والجنائية التي تبتدئ من المادة 64 إلى المادة 80 و 09 مواد بالنسبة لقانون 90/25 والتي تبتدئ من المادة 63 إلى المادة 71 ويمكن إضافة المادة 72 من نفس القانون والمتعلقة ببطلان عقود البيع ، يمكن القول أن إشكالية البناء العشوائي لازالت قائمة رغم كل المجهودات التي تبذل من طرف المتدخلين في المجال لوضع التعمير في مساره الصحيح ما تطلب معه حتما ايجاد حلول ناجعة كفيلة للقضاء على كل بناء فوضوي وغير قانوني والذي يعطى للتعمير طبعة مسيئة داخل مدننا و
تكتلاتها العمرانية المحيطة بها ، فأصبح من الضروري توجيه العمران والتحكم فيه للحفاظ على فضاءاته وارتفاقاته بصدور ظهير شريف رقم 1.16.124 مؤرخ في 21 من ذي القعدة 1437 الموافق ل 25 أغسطس 2016 بتنفيذ القانون رقم 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء الذي نص على أحكام تغير وتتمم القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير والقانون رقم 90/25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والظهير الشريف رقم 1.60.063 بتاريخ 30 من ذي الحجة 1379 ( 25 يونيو 1960) بشأن توسيع نطاق العمارات القروية .
يتبع
عبد الوهاب جمكيل